عدد المساهمات : 983 نقاط : 3147 السٌّمعَة : 18 تاريخ التسجيل : 03/01/2010 العمر : 53 الموقع : homelearning.yolasite.com
موضوع: التخطيط الاستراتيجي ورسالة المؤسسة السبت نوفمبر 06, 2010 5:11 pm
هشام مصطفى عبد العزيز وقفت كارلي فيورينا، مدير شركة هيوليت باكارد "HP" متحدثة في طلبة سنة التخرج في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عام 2000م فقالت: (في الغالب، لا يمكنك في أي لحظة معينة رؤية أين يتجه بك المسار، والمنطق والذكاء وحدهما لا يكفيان لهدايتك إلى الخيارات الصائبة، ولن يقودك أي منهما إلى السبيل الصحيح دومًا، ولا يكفي أن تتقن فن الإصغاء لعقلك، بل عليك أن تتقن الإصغاء لقلبك وكيانك كله). كانت فيورينا تتحدث أمام خريجين على وشك الدخول إلى معترك الحياة والعمل، وعكست نصيحتها واقع العمل التجاري في القرن الحادي والعشرين، حيث باتت الوتيرة التجارية أسرع من أن يتوقف البعض للحظات ليحدد رسالة مؤسسته، والتي عبرت عنها بـ "أين يتجه بك المسار؟". نشأة الاهتمام برسالة المؤسسات: يقوم الفكر السائد حاليًا عن رسالة المؤسسة على الإطار العام الذي قدمه بيتر دراكر في سبيعينيات القرن الماضي، حيث اعتقد دراكر أن التساؤل عن ما هو مجال عملنا؟ بمثابة توجيه سؤال عن ما هي رسالتنا وتعكس رسالة المنظمة الغرض من وراء قيام وبقاء المنشأة وتعد الرسالة ضرورية من أجل تحديد الأهداف بفاعلية ووضع الاستراتيجيات. مفهوم رسالة المؤسسة: وتُعبر الرسالة عن النظرة طويلة الأمد الخاصة بالمؤسسة من حيث الذي ترغب في تحقيقه والذين ترغب في خدمتهم، ولكل مؤسسة غرض من وراء قيامها حتى إذا لم يترجمها الاستراتيجيون إلى رسالة مكتوبة؛ فالرسالة السليمة والمعدة بعناية هي الخطوة الأولى في الإدارة الاستراتيجية من وجهة نظر كل من الممارسين والأكادميين. والرسالة هي أساس الأولويات والاستراتيجيات والخطط وتخصيص العمل؛ فهي نقطة البداية لتخطيط المهام الإدارية وتخطيط الهياكل الإدارية، وقد يبدو للوهلة الأولى أن معرفة طبيعة عمل أي مؤسسة أمر بسيط وواضح للغاية، فمثلًا، مصنع الصلب ينتج صلبًا، وهيئة السكك الحديدية تنقل الركاب والبضائع، وشركة التأمين تتحمل مخاطر الحريق، والبنوك تُموِّل المشاريع وهكذا. ولكن الواقع أن توجيه سؤال: ما هو عملنا؟ لأي مسئول في الجهات السابقة أو غيرها يظهر مدى صعوبة الإجابة عليه، فهو سؤال صعب للغاية والإجابة الصحيحة عليه عادة ما تكون غير ظاهرة، وتُمثل الإجابة على هذا السؤال المسئولية الأولى للاستراتيجيين؛ فهم القادرون على التأكد من أن الإجابة على هذا السؤال تلقى الأهمية اللازمة، وأن تلك الإجابة منطقية وتساعد المؤسسة على تخطيط مسارها وتحديد أهدافها.
وقد نتمكن من فهم رسالة مؤسسة ما بشكل أفضل من خلال التركيز على المشروع في بداياته، حيث يكون المشروع الجديد عبارة عن تجميع أفكار، ويقوم على مجموعة معتقدات بأن المؤسسة الجديدة تستطيع أن تقدم سلعة أو خدمة لبعض العملاء في مناطق جغرافية معينة باستخدام نوعًا ما من التكنولوجيا بسعر مريح، وعادة ما يعتقد صاحب المشروع الجديد بأن فلسفة الإدارة للمؤسسة الجديدة سيترتب عليها صورة إيجابية لدى الجمهور يمكن توصيلها بالتالي إلى الجهات ذات الأهمية. وعندما تنمو المؤسسة فإن الملاك أو المديرين كثيرًا ما يجدون أنه من الضروري مراجعة المعتقدات الأساسية التي قام عليها المشروع، وعادة ما يكتشفون أن تلك الأفكار الأصلية تنعكس في الرسالة التي تمت مراجعتها. وكثيرًا ما تتصدر رسالة المؤسسة التقارير السنوية، وتعلق في كافة أرجاء المؤسسة، وتوزع مع باقي المعلومات الخاصة بها، وهي جزء أيضًا من التقارير الداخلية، مثل طلب الاتفاقيات مع الموردين، والعقود مع النقابات العمالية، وخطط المؤسسة، واتفاقيات خدمة العملاء. باختصار فإن رسالة المؤسسة هي وثيقة تُوضح الغرض من قيام المؤسسة، ومن هم عملائها ومنتجاتها أو خدماتها، وأسواقها وفلسفتها والتكنولوجيا التي تقوم عليها، ولذا يرى ماكجينيس أن الرسالة ينبغي أن: 1. تعرف ماهية المؤسسة وتطلعاتها المستقبلية. 2. أن يكون ذلك التعريف مُحدَّد بحيث يستبعد بعض المشروعات، ومتسع بدرجة كافية بحيث يتيح الفرصة للنمو الخلاق. 3. أن يُميز مؤسسة ما عن المؤسسات الأخرى. 4. أن يتعامل مع الخدمة كإطار تقييمي لكل من الأنشطة الحالية والمتوقعة. 5. أن تكون مكتوبة بأسلوب واضح بحيث يفهمها كافة العاملين في المؤسسة. أهمية الرسالة بالنسبة للمؤسسات: ويلخص ف. ديفيد أهمية وجود الرسالة باعتبارها أحد مكونات الإدارة الاستراتيجية فيما يلي: 1. ضمان الإجماع على غايات وأغراض المؤسسة. 2. تقديم أساس أو معايير واضحة لتخفيض موارد المؤسسة. 3. إيجاد مناخ مؤسسي موحد. 4. تحديد قيم واتجاهات المؤسسة. 5. توفير إطار موحد لخدمة أغراض المؤسسة والحد من الجهود المناوئة أو المعاكسة. 6. تسهيل عملية ترجمة الأهداف طويلة وقصيرة الأجل إلى هيكل الأعمال والمسئوليات. 7. تحديد أغراض المؤسسة وترجمة أهداف تفصيلية وفقًا لاعتبارات الوقت والتكلفة ومعايير الأداء بما يُسهل من عمليات التقييم والرقابة. 8. الإمداد بأسس واضحة ومعايير محددة لعملية الاختيار الاستراتيجي. المؤسسات ومدى اهتمامها بالرسالة: والواقع المؤسسي يُنبِئ عن ضعف في الاهتمام برسالة المؤسسات، حيث يقضي بعض الاستراتيجيين غالبية اليوم في الاهتمام بالجوانب الإدارية والتكتيكية، بينما البعض الآخر يُسارع لوضع الأهداف وتطبيق الاستراتيجيات، ولا يُوجهون الاهتمام الكافي لصياغة الرسالة. والمفاجأة هي انتشار هذه المشكلة حتى بين الشركات الكبرى، ففي الولايات المتحدة الأمريكية هناك ما يقارب 40% من الشركات الكبرى لا يُوجد عندهم بعد رسالة رسمية للمؤسسة، ومنها شركتي والت ديزني، وعملاق متاجر التجزئة ووال مارت "Walmart".
ولكن يمكن القول بأن هناك عدد متزايد من المؤسسات يتجه نحو صياغة الرسالة في شكل رسمي، وتقوم بعض المؤسسات بوضع رسالة؛ لأنهم يشعرون بأنها "موضة" أكثر منها التزام حقيقي. العوامل المؤثرة على رسالة المؤسسة: هناك عديد العوامل التي تؤثر على مضمون رسالة المؤسسة، ولعل أهمها نتائج تقييم البيئة الخارجية، ونوعية الفرص المتاحة، وطبيعة التهديدات التي تفرضها تلك البيئة، كما تؤثر على الرسالة نتائج تقييم البيئة الداخلية وإمكانات المنظمة المتمثلة في نقاط قوتها وضعفها، فضلًا عن طبيعة المنافسة واهتمامات المساهمين والإدارة العليا ورغبتهم في تحمل المخاطر، ويجمع العوامل السابقة نظام التحليل المعروف باسم "SWOT Analysis"، وهي حروف ترمز إلى: S القوة أو "Strength". W الضعف أو "Weakness". O الفرص أو "Opportunities". T التهديدات أو "Threats". حيث تمثل القوة والضعف عناصر البيئة الداخلية، وتمثل الفرص والتهديدات عناصر البيئة الخارجية. الرسالة كوثيقة هامة: إن الوثيقة التي تتضمن رسالة المؤسسة ليست مجرد ورقة تعطيها الإدارية العليا للعاملين بالمؤسسة أو تعلقها في مكان ظاهر بها، بل هي تعبير عن رؤية الإدارة العليا فيما ينبغي التركيز عليه والاهتمام به والسعي إليه بكل جدية واهتمام المحترفين، إن هذه الوثيقة تحدد الطريق إلى النجاح والفوز في السوق، ولابد أن يقتنع بها العاملون ويتفاعلوا معها ويلتزموا بها بعد فهمِها بدقة والتعرف على دورهم فيها بوضوح. فهذه الوثيقة هي التي تجعل المؤسسة مختلفة عن غيرها من المؤسسات في الصناعة أو المجال الذي تعمل به، ولن تستفيد المؤسسة من وجود رسالة إلا إذا عمل كل أفرادها على تحقيق هذا الاختلاف النظري والمكتوب في الوثيقة وتحويله إلى واقع فعلي ملموس يراه العملاء والعاملون والموردون وكل من استهدفتهم الرسالة، فهي تمثل رسمًا هندسيًا لمنزل جميل لا يعني شيئًا إلا إذا وجد المنزل فعلًا، فهي إطار عام يحتاج إلى جهد كبير حتى يتحول إلى واقع عملي.
وختامًا: يمكننا القول بأن الرسالة هي الخريطة التي تسير على أساسها المؤسسة لتصل إلى مقصودها، وسواءً كانت تلك الرسالة بصورة رسمية أو تعارف عليها أعضاء أي مؤسسة، فلابد من جعلها نصب عين كل مؤسسة تسعى إلى تحقيق النجاح الدائم المستمر حتى تصل إلى الريادة في مجالها. ومن خلال تلك المقالة تعرفنا على مفهوم رسالة المؤسسة، وأهميتها ومدى اهتمام المؤسسات بها بصورة عامة، ويبقى أن تتعرف في مقالات قادمة على خصائص الرسالة الفعالة، وكيفية صياغة رسالة المؤسسة بصورة تضمن لها النجاح والتميز إن شاء الله أهم المراجع: 1. كيف تصبح قائدًا استراتيجيًا .. دورك في نجاح مؤسستك الدائم، ريتشارد هيوز وكاترين كولاريللي. 2. الإدارة الاستراتيجية .. مفاهيم ونماذج تطبيقية، د.ثابت إدريس ود.جمال المرسي. 3. الإدارة الاستراتيجية .. الأصول والأسس العلمية، د.محمد أحمد عوض. 4. الإدارة الاستراتيجة، د.نادية العارف. 5. وثيقة الرسالة .. خطوة مفتاحية على طريق التخطيط الاستراتيجي، فيرن ماكجينيس. 6. مفاهيم الإدارة الاستراتيجية، ف. ديفيد.