فى فجر التاريخ كان الناس يعيشون فرادى ، ثم تطور الأمر إلى أسر أنجبت أطفالا و أحفادا و أصبحت هناك مجتمعات تطورت إلى قرى و مدن و بلدان. و خلال كل هذا نشأ نوع من التعامل بين هذه المجتمعات و القرى ، و كان من الطبيعى أن تنشأ أعراف يقبلها الناس تحدد تعاملاتهم حتى لا يظلم ضعيف و لا يضيع حق.
و طبيعى أن تتحول كل هذه الأعراف إلى قوانين بعد أن ظهرت فكرة الدولة ، فالدولة تحتاج إلى قانون يعلمه الجميع و ينظم حياة الناس ، و تحتاج أيضا إلى قوة تحمى هذا القانون و توقع العقاب على من يتجاوزه ، مع العلم المسبق بهذه العقوبات حتى لا تترك للأهواء الشخصية.
و تختلف كل دولة فى نظرتها للقانون ، فهو لا يطبق على نفس المستوى فى جميع الدول. بعض الدول يكون القانون فيها شكليا و الأمر راجع للحاكم ، و البعض الآخر من الدول لا يسير إلا فى ضوء القانون.
إن دستور الدولة لابد أن يحدد جميع التعاملات فى جميع نواحى الحياه. فلابد أن يشمل العلاقات بين الأفراد و بعضهم ، و الأفراد و الدولة ، و كذلك علاقات الدولة الخارجية و المنظمات و الهيئات الدولية ...
لذلك فلابد من الاحتكاك بجميع الطوائف داخل الدولة لمعرفة متطلباتهم و تفاصيلهم لنتمكن من إخراج دستور يعبر عن نبض الشارع و يحصى الكبيرة و الدقيقة. فإذا رضى عنه الشعب امتثل له و طبقه فى تعاملاته و ساد النظام و انفتحت المجالات للتنمية و الرقى.
و أذكر هنا تجربة تركيا حين أرادت إنشاء دستور للدولة ، فتم اختيار 11 عضو من أعضاء البرلمان ، لا ليكتبوا الدستور فحسب ، بل ليكونوا وسطاء بين الدولة و الأفراد ، يناقشون كافة الطوائف و يحصلون على كافة الآراء ، فيخرج دستور لا يعترض عليه أحد ، و بالطبع سيمتثل له الجميع.
أيتها الشعوب ، لابد أن يصل صوتكم ، و لابد أن يحتوى الدستور على جميع الآراء ، فهذا ما سيحكمكم ربما لمئات السنين.
أحمد عاطف