Admin Admin
عدد المساهمات : 983 نقاط : 3147 السٌّمعَة : 18 تاريخ التسجيل : 03/01/2010 العمر : 52 الموقع : homelearning.yolasite.com
| موضوع: سفينة ربانها قرصان الثلاثاء نوفمبر 02, 2010 3:51 pm | |
|
صحيفة الشرق القطريه الأحد 16 ذوالقعدة 1431 – 24 أكتوبر 2010
لو مددت بصرك تحت السطح - فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2010/10/blog-post_24.html يبدو أننا أمتن كثيرا من بريطانيا ونحن لا ندري، وإذا كان لديك شك في ذلك فحاول أن تطالع ما تنشره الصحف البريطانية عن قرارات الحكومة هناك، وقارنه بما تنشره صحفنا عن إنجازات حكومتنا الرشيدة، وإذا فعلتها فسوف ينتابك الشعور بالأسف والقلق على حاضر بريطانيا ومستقبلها، في حين أنك سوف تسترخي وتطمئن بالا حين تقرأ في صحفنا وعلى ألسنة مسؤولينا أن كله تمام التمام، وأن مصر تجاوزت الأزمة العالمية، بفضل حكمة الرئيس وتوجيهاته السديدة بطبيعة الحال. ستقرأ في الصحف البريطانية مثلا أن الملكة ألغت هذا العام احتفال عيد الميلاد الذي اعتادت أن تقيمه في قصر باكنجهام كل سنة، وطبقا لما ذكرته صحيفة «صن» في 15/10 فإن الملكة إليزابيث أرادت بذلك التعبير عن تضامنها مع الشعب البريطاني في تعامله مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها في الوقت الراهن، ونقلت الصحيفة عن الناطق باسم قصر باكنجهام قوله إنه «بالنظر إلى المناخ الاقتصادي الحالي، من المناسب أن تتحلى الأسرة الحاكمة بضبط الإنفاق». ستقرأ أيضا أن وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن أعلن عن خطة للتقشف «هي الأقسى منذ خمسين عاما» ستؤدي إلى خسارة نصف مليون موظف لوظائفهم خلال السنوات الأربع المقبلة، بمعدل موظف واحد من بين كل 12 شخصا، بعد تخفيض ميزانيات معظم الوزارات بمعدل 24 خلال تلك الفترة. ستقرأ معلومات أخرى خطيرة خلاصتها أن سياسة التقشف وشد الحزام فرضت وضع إستراتيجية جديدة للأمن، ستؤدي إلى صرف 17 ألف جندي من الجيش وتسريح 25 ألف موظف من وزارة الدفاع خلال السنوات الخمس المقبلة، ستقرأ أيضا أن التخفيضات ستسري على هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، التي أعلنت أنها ستتكفل من جانبها بدفع مصاريف الخدمة العالمية التي كانت تمولها وزارة الخارجية. إذا حولت بصرك إلى مصر، وأنصت إلى تصريحات المسؤولين أو تابعت ما تبثه وتنشره وسائل الإعلام المختلفة فسوف تكتشف على الفور أنك خرجت من الساخن إلى البارد، حيث لا أثر ولا وجود لمشاعر التوتر والمفردات المعبرة عنها، من الأزمة إلى التقشف وشد الحزام، كأن مصر تحلق في كوكب آخر غير الذي تنتمي إليه بريطانيا، ولأن العنوان العريض هو أن «كله تمام»، فإن سلوك الحكومة عبر عن الرضا والارتياح إلى الوضع القائم، وتنافست وسائل الإعلام المعبرة عنها في إبراز الإنجازات التي تحققت، من المنتجعات والمولات وملاعب جولف، إلى المشروعات العملاقة وإغراق البلد بأحدث السيارات وهواتف المحمول. ولتأكيد هذه البحبوحة فإن الإنفاق ظل باذخا وبلا حدود على المهرجانات والحفلات والملتقيات التي تعقد في فنادق الخمس والسبع نجوم (رغم وجود عشرات القاعات المجانية الأخرى داخل مؤسسات الدولة). ناهيك عن جولات الأكابر المكوكية الذين يطوفون مع الحاشية وعلى الطائرات الخاصة بعواصم العالم في مهام كثيرا ما يختلف ظاهرها عن باطنها. في حين تتجمل الواجهات وتبدو على تلك الشاكلة فإنك لو مددت بصرك إلى ما تحت السطح ستفاجأ بشبح الأزمة كامنا ومخيفا، ستفاجأ مثلا بأن ثمة عجزا في الموازنة تجاوز تريليون (ألف مليار) ومائة مليار جنيه (كان العجز 20 مليار جنيه حين تولى الرئيس مبارك السلطة في عام 1981). وستفاجأ بأن ثمة موارد في الميزانية تقدر بمليارات الجنيهات لا أحد يعرف أين تذهب. وستلاحظ أن خزينة الدولة مفتوحة على مصارعها لاعتمادات الأجهزة الأمنية (التي قلصوها في بريطانيا) والتلفزيون (الذي تخلت الخارجية البريطانية عن تمويله) ــ (إعادة بناء مجلس الشورى تكلفت مليار جنيه). ستفاجأ كذلك بأن أصول مصر تم بيعها، من مؤسسات القطاع العام إلى ثروتها العقارية التي تعرضت للنهب وليس البيع فقط.. إلخ. الخلاصة أن ما تقع عليه عيناك تحت السطح لن يصيبك بالصدمة والدهشة فحسب ولكنه سيصيبك بالحيرة أيضا، لأنك لن تعرف بعد ذلك كيف أمكن لسفينة الوطن أن تستمر طافية فوق السطح. رغم الثقوب التي ترشحها للغرق في أي لحظة، وحينئذ ستكتشف أننا لسنا أمتن من بريطانيا، ولكن الفرق بينهم وبيننا أنهم لا يترددون في إخبار الناس بالحقيقة لإشراكهم في حمل الهم، أما عندنا فإننا نتستر على الحقيقة ولا نكترث بالناس، وإنما نعتبرهم جزءا من الهم، وهو ما يستدعي السؤال التالي: أيهما أجدر بالأسف والقلق على حاضره ومستقبله، المعلن في بريطانيا أم المسكوت عنه في مصر؟ .........................
| |
|